يبدأ الأمر بتعرُّفك إلى شخص تنسجم معه كثيرا، تقضيان وقتا طويلا معا، ويصبح من أصدقائك المقربين، تلاحظ أو يُعلِّق مَن حولك كيف أصبحت تردد بعض الكلمات التي يكررها في حديثه، وكيف تنسخ أحيانا ابتسامته وربما طريقته في التحدث، هل لاحظت في بداية تعارفكما كيف يكرر كثيرا كلمة 'كليا'، واليوم تلاحظ أنك ترددها في حديثك أيضا؟ لست وحدك هنا، فدائما ما يظهر التشابه بين الأصدقاء أو الأزواج، حتى إن هناك مثلا شعبيا يدور حول العالم بصيغ مختلفة يقول إن الزوج والزوجة يصبحان، بعد فترة، متشابهين، حتى في الملامح الشكلية، لكن ذلك ليس حقيقيا، فوجهك لن يتعدل تشريحيا مع الزمن، لكن هناك شيء آخر مهم يعطي هذا الانطباع. كانت المحاكاة والتقليد هي الطريقة التي تعلَّمنا بها الحركة والكلام منذ الطفولة، دائما ما كان علينا ملاحظة أفعال الآخرين وتعبيراتهم لنعرف ما السلوك المقبول اجتماعيا، وكانت هذه هي طريقة الجنس البشري للبقاء والتطور؛ ملاحظة الأفراد الأقوى والأكثر ذكاء في المجتمع ومَن يتمتعون بمكانة اجتماعية أعلى ومن ثم محاكاتهم. هكذا أسهم التقليد في تطور المجتمعات البشرية ومساعدة الناس على ارتباط بعضهم ببعض، وصارت لدينا تلك الحاجة إلى أن نتبع -بشكل ما- المعايير التي يفرضها علينا الأشخاص من حولنا، لمطابقة أفعالنا مع أفعالهم بصورة تلقائية، إنها بداية تعلُّمنا لكل شيء؛ المشي والكلام واللغة والموسيقى، لكن ماذا عن تلك الأفعال الصغيرة والكلمات التي تدخل في قاموس تعبيراتنا دون أي قصد؟ قبل نحو عقدين نشر عالم الاجتماع 'جون أ بارغ'، بالاشتراك مع عالمة النفس الاجتماعي تانيا شارتراند، ورقة علمية ، حول ما يُعرف بـ'تأثير الحرباء' أو الميل اللا واعي إلى تقليد سلوك الآخرين، بالشكل الذي يغير سلوك الفرد دون قصد ليتناسب مع سلوك المحيطين به في البيئة الاجتماعية. أجرى الباحثان ثلاث تجارب لمراقبة الآلية التي يعمل بها تأثير الحرباء، في التجربة الأولى، وصف المشاركون انطباعهم عن بعض الصور، بينما كان الباحث يقوم ببعض الحركات عن عمد لمراقبة تأثيرها على المشاركين في التجربة، فكان يبتسم أحيانا أو يهز قدميه أو يفرك وجهه، وكان أغلب المشاركين يميلون إلى تقليده دون وعي، حتى إنهم لم يلحظوا الأمر عندما سُئلوا عن ذلك. في التجربة الثانية أراد الباحثان التعرف على تأثير تقليد الآخرين لنا، انقسم المشاركون إلى مجموعتين ودخل مع كل مجموعة عدد من الممثلين، قلَّد الممثلون في المجموعة الأولى حركات وإيماءات المشاركين، والتزم الممثلون في المجموعة الثانية بسلوكيات محايدة، وتبين أن المشاركين الذين قلَّدهم الممثلون أكثر ميلا إلى القول إن التفاعل كان أكثر سلاسة، وكانت لديهم مشاعر ودية تجاه المتفاعلين معهم، بخلاف المجموعة الأخرى التي التزم فيها الممثلون بالحياد. الحقيقة التي يكشفها لنا ذلك أننا نميل بشكل لا إرادي ربما نحو أولئك الذين يشبهوننا أو يقلدوننا. ومع ذلك يبقى السؤال الأهم: لماذا نميل إلى تقليد أناس معينين دون غيرهم؟ في التجربة الثالثة حدد الفريق مسبقا درجة التعاطف بين الأفراد، ليتبيَّن أن زيادة درجة التعاطف كانت تزيد احتمال تقليدهم لسلوكيات الشركاء، هكذا يظهر تأثير الحرباء أكثر بين مَن يثيرون تعاطفنا، إذ نوليهم مزيدا من الاهتمام، ونلاحظ كل سلوكياتهم، وتتشكل بيننا روابط أعمق، ما يجعلنا أكثر عُرضة لأن نقلدهم. يشير الباحثان أيضا إلى أن مجرد إدراك سلوك شخص آخر يزيد تلقائيا من احتمالية انخراط الفرد في هذا السلوك، لذا يظهر هذا التأثير عندما نتعايش ونتفاعل مع مجموعة من الأفراد لفترة كافية.
يبدأ الأمر بتعرُّفك إلى شخص تنسجم معه كثيرا، تقضيان وقتا طويلا معا، ويصبح من أصدقائك المقربين، تلاحظ أو يُعلِّق مَن حولك كيف أصبحت تردد بعض الكلمات التي يكررها في حديثه، وكيف تنسخ أحيانا ابتسامته وربما طريقته في التحدث، هل لاحظت في بداية تعارفكما كيف يكرر كثيرا كلمة 'كليا'، واليوم تلاحظ أنك ترددها في حديثك أيضا؟ لست وحدك هنا، فدائما ما يظهر التشابه بين الأصدقاء أو الأزواج، حتى إن هناك مثلا شعبيا يدور حول العالم بصيغ مختلفة يقول إن الزوج والزوجة يصبحان، بعد فترة، متشابهين، حتى في الملامح الشكلية، لكن ذلك ليس حقيقيا، فوجهك لن يتعدل تشريحيا مع الزمن، لكن هناك شيء آخر مهم يعطي هذا الانطباع. كانت المحاكاة والتقليد هي الطريقة التي تعلَّمنا بها الحركة والكلام منذ الطفولة، دائما ما كان علينا ملاحظة أفعال الآخرين وتعبيراتهم لنعرف ما السلوك المقبول اجتماعيا، وكانت هذه هي طريقة الجنس البشري للبقاء والتطور؛ ملاحظة الأفراد الأقوى والأكثر ذكاء في المجتمع ومَن يتمتعون بمكانة اجتماعية أعلى ومن ثم محاكاتهم. هكذا أسهم التقليد في تطور المجتمعات البشرية ومساعدة الناس على ارتباط بعضهم ببعض، وصارت لدينا تلك الحاجة إلى أن نتبع -بشكل ما- المعايير التي يفرضها علينا الأشخاص من حولنا، لمطابقة أفعالنا مع أفعالهم بصورة تلقائية، إنها بداية تعلُّمنا لكل شيء؛ المشي والكلام واللغة والموسيقى، لكن ماذا عن تلك الأفعال الصغيرة والكلمات التي تدخل في قاموس تعبيراتنا دون أي قصد؟ قبل نحو عقدين نشر عالم الاجتماع 'جون أ بارغ'، بالاشتراك مع عالمة النفس الاجتماعي تانيا شارتراند، ورقة علمية ، حول ما يُعرف بـ'تأثير الحرباء' أو الميل اللا واعي إلى تقليد سلوك الآخرين، بالشكل الذي يغير سلوك الفرد دون قصد ليتناسب مع سلوك المحيطين به في البيئة الاجتماعية. أجرى الباحثان ثلاث تجارب لمراقبة الآلية التي يعمل بها تأثير الحرباء، في التجربة الأولى، وصف المشاركون انطباعهم عن بعض الصور، بينما كان الباحث يقوم ببعض الحركات عن عمد لمراقبة تأثيرها على المشاركين في التجربة، فكان يبتسم أحيانا أو يهز قدميه أو يفرك وجهه، وكان أغلب المشاركين يميلون إلى تقليده دون وعي، حتى إنهم لم يلحظوا الأمر عندما سُئلوا عن ذلك. في التجربة الثانية أراد الباحثان التعرف على تأثير تقليد الآخرين لنا، انقسم المشاركون إلى مجموعتين ودخل مع كل مجموعة عدد من الممثلين، قلَّد الممثلون في المجموعة الأولى حركات وإيماءات المشاركين، والتزم الممثلون في المجموعة الثانية بسلوكيات محايدة، وتبين أن المشاركين الذين قلَّدهم الممثلون أكثر ميلا إلى القول إن التفاعل كان أكثر سلاسة، وكانت لديهم مشاعر ودية تجاه المتفاعلين معهم، بخلاف المجموعة الأخرى التي التزم فيها الممثلون بالحياد. الحقيقة التي يكشفها لنا ذلك أننا نميل بشكل لا إرادي ربما نحو أولئك الذين يشبهوننا أو يقلدوننا. ومع ذلك يبقى السؤال الأهم: لماذا نميل إلى تقليد أناس معينين دون غيرهم؟ في التجربة الثالثة حدد الفريق مسبقا درجة التعاطف بين الأفراد، ليتبيَّن أن زيادة درجة التعاطف كانت تزيد احتمال تقليدهم لسلوكيات الشركاء، هكذا يظهر تأثير الحرباء أكثر بين مَن يثيرون تعاطفنا، إذ نوليهم مزيدا من الاهتمام، ونلاحظ كل سلوكياتهم، وتتشكل بيننا روابط أعمق، ما يجعلنا أكثر عُرضة لأن نقلدهم. يشير الباحثان أيضا إلى أن مجرد إدراك سلوك شخص آخر يزيد تلقائيا من احتمالية انخراط الفرد في هذا السلوك، لذا يظهر هذا التأثير عندما نتعايش ونتفاعل مع مجموعة من الأفراد لفترة كافية.
يبدأ الأمر بتعرُّفك إلى شخص تنسجم معه كثيرا، تقضيان وقتا طويلا معا، ويصبح من أصدقائك المقربين، تلاحظ أو يُعلِّق مَن حولك كيف أصبحت تردد بعض الكلمات التي يكررها في حديثه، وكيف تنسخ أحيانا ابتسامته وربما طريقته في التحدث، هل لاحظت في بداية تعارفكما كيف يكرر كثيرا كلمة 'كليا'، واليوم تلاحظ أنك ترددها في حديثك أيضا؟ لست وحدك هنا، فدائما ما يظهر التشابه بين الأصدقاء أو الأزواج، حتى إن هناك مثلا شعبيا يدور حول العالم بصيغ مختلفة يقول إن الزوج والزوجة يصبحان، بعد فترة، متشابهين، حتى في الملامح الشكلية، لكن ذلك ليس حقيقيا، فوجهك لن يتعدل تشريحيا مع الزمن، لكن هناك شيء آخر مهم يعطي هذا الانطباع. كانت المحاكاة والتقليد هي الطريقة التي تعلَّمنا بها الحركة والكلام منذ الطفولة، دائما ما كان علينا ملاحظة أفعال الآخرين وتعبيراتهم لنعرف ما السلوك المقبول اجتماعيا، وكانت هذه هي طريقة الجنس البشري للبقاء والتطور؛ ملاحظة الأفراد الأقوى والأكثر ذكاء في المجتمع ومَن يتمتعون بمكانة اجتماعية أعلى ومن ثم محاكاتهم. هكذا أسهم التقليد في تطور المجتمعات البشرية ومساعدة الناس على ارتباط بعضهم ببعض، وصارت لدينا تلك الحاجة إلى أن نتبع -بشكل ما- المعايير التي يفرضها علينا الأشخاص من حولنا، لمطابقة أفعالنا مع أفعالهم بصورة تلقائية، إنها بداية تعلُّمنا لكل شيء؛ المشي والكلام واللغة والموسيقى، لكن ماذا عن تلك الأفعال الصغيرة والكلمات التي تدخل في قاموس تعبيراتنا دون أي قصد؟ قبل نحو عقدين نشر عالم الاجتماع 'جون أ بارغ'، بالاشتراك مع عالمة النفس الاجتماعي تانيا شارتراند، ورقة علمية ، حول ما يُعرف بـ'تأثير الحرباء' أو الميل اللا واعي إلى تقليد سلوك الآخرين، بالشكل الذي يغير سلوك الفرد دون قصد ليتناسب مع سلوك المحيطين به في البيئة الاجتماعية. أجرى الباحثان ثلاث تجارب لمراقبة الآلية التي يعمل بها تأثير الحرباء، في التجربة الأولى، وصف المشاركون انطباعهم عن بعض الصور، بينما كان الباحث يقوم ببعض الحركات عن عمد لمراقبة تأثيرها على المشاركين في التجربة، فكان يبتسم أحيانا أو يهز قدميه أو يفرك وجهه، وكان أغلب المشاركين يميلون إلى تقليده دون وعي، حتى إنهم لم يلحظوا الأمر عندما سُئلوا عن ذلك. في التجربة الثانية أراد الباحثان التعرف على تأثير تقليد الآخرين لنا، انقسم المشاركون إلى مجموعتين ودخل مع كل مجموعة عدد من الممثلين، قلَّد الممثلون في المجموعة الأولى حركات وإيماءات المشاركين، والتزم الممثلون في المجموعة الثانية بسلوكيات محايدة، وتبين أن المشاركين الذين قلَّدهم الممثلون أكثر ميلا إلى القول إن التفاعل كان أكثر سلاسة، وكانت لديهم مشاعر ودية تجاه المتفاعلين معهم، بخلاف المجموعة الأخرى التي التزم فيها الممثلون بالحياد. الحقيقة التي يكشفها لنا ذلك أننا نميل بشكل لا إرادي ربما نحو أولئك الذين يشبهوننا أو يقلدوننا. ومع ذلك يبقى السؤال الأهم: لماذا نميل إلى تقليد أناس معينين دون غيرهم؟ في التجربة الثالثة حدد الفريق مسبقا درجة التعاطف بين الأفراد، ليتبيَّن أن زيادة درجة التعاطف كانت تزيد احتمال تقليدهم لسلوكيات الشركاء، هكذا يظهر تأثير الحرباء أكثر بين مَن يثيرون تعاطفنا، إذ نوليهم مزيدا من الاهتمام، ونلاحظ كل سلوكياتهم، وتتشكل بيننا روابط أعمق، ما يجعلنا أكثر عُرضة لأن نقلدهم. يشير الباحثان أيضا إلى أن مجرد إدراك سلوك شخص آخر يزيد تلقائيا من احتمالية انخراط الفرد في هذا السلوك، لذا يظهر هذا التأثير عندما نتعايش ونتفاعل مع مجموعة من الأفراد لفترة كافية.
التعليقات
باحثون يكتشفون سر التشابه بين الازواج بعد فترة من الزمن
التعليقات